القرار في يد نصرالله و"الحرس" الإيراني

سياسة

تم النشر في 13 أبريل 2023

عبدالوهاب بدرخان

لا غرابة في أن يقارن اللبنانيون بين حال الجنوب بعد صواريخ "حماس" على الجليل، وبين حال الجنوب أيام كان الجبهة الفلسطينية الوحيدة ضد إسرائيل. ولا غرابة في الانتقال من "فتح لاند" الى "حماس لاند". مع الأولى كان لبنان- الدولة لا يزال قادراً على الدفاع عن موقعه بين "حروب الآخرين"، ومع الثانية أصبح لبنان- اللادولة يخوض وحده الصراع مع إسرائيل فيما راح "الآخرون" يميّزون أنفسهم عن حروبه. يعود "الفضل" في ذلك الى "حزب إيران/ حزب الله"، إذ كانت الصواريخ متوقعة من جنوب لبنان لأن إيران و"حزبها" و"فصائلها" تريد تكريس "وحدة الساحات" في "مواجهة العدو" وتسجيل عودة الوضع الجنوبي الى ما كان عليه قبل 1982 من باب التضامن مع القدس والمسجد الأقصى. أما إطلاق الصواريخ من سوريا على الجانب الإسرائيلي فأثار نقطة تعجّب بسبب ندرته على مدى عقودٍ من الصراع العربي- الإسرائيلي، إلا أنه شكّل إشارة قوية الى أن القرار الإيراني أصبح مهيمناً أيضاً في سوريا ولم يعد هناك "فيتو" روسي صارم يحرّم التعرّض لإسرائيل.

وكما التزمت "حماس" بصواريخها "قواعد الاشتباك" التي حدّدها "حزب إيران" في التعامل مع إسرائيل، كذلك التزمت الأخيرة تلك القواعد في ردّها. قصف مقابل قصف، لكن القصف يبقى رمزياً، فلا إسرائيل تذهب الى حد اشعال مواجهة دامية وتدميرية واسعة، ولا "الحزب" يضطر الى استخدام صواريخه الدقيقة. وإذ هدّد زعيمه حسن نصرالله بردّ قوي إذا استُهدف أمن لبنان وجنوبه فإنه ظلّ في اطار الاستهلاك الإعلامي الداخلي، بعدما كان أبلغ الى قوات الطوارئ الدولية أنه لا يريد حرباً وعادت إليه قيادة "اليونيفيل" بأن عدوّه أيضاً لا يريد الحرب. وهذا ما أتاح لنائب زعيم "الحزب" نعيم قاسم القول إن "توازن الردع" قد تحقّق. أمّا كيف تحقّق؟ فبامتناع إسرائيل عن اتخاذ قرار الحرب على رغم حاجتها إليه بسبب ظروفها الداخلية والخارجية. لكنها استمرّت بممارساتها الوحشية في عموم الضفّة، كما في القدس والأقصى. أي أن صواريخ إيران لم تردعها.

اكتفت إيران و"حزبها" و"فصائلها" بتلك الصواريخ في المرحلة الراهنة، لكن هذه ليست كلمتها الأخيرة، فهي تعمل فعلاً، ولو بخطوات بطيئة، على أن يكون الجولان وجنوب لبنان جبهة واحدة متصلة. النظام السوري لم يمانع هذا الهدف منذ غداة حرب 2006، وليس في لبنان مَن يستطيع أن يمنع أو يعترض، فالأمر متروك لوكلاء الملالي و"الحرس الثوري". ولا أحد عربياً أو دولياً، لديه الدوافع والقدرة لمنع هذا المشروع، طالما أن سوريا ولبنان وفلسطين (بقدسها وأقصاها) باتت أحجاراً على رقعة الشطرنج بين اللاعبَين الإيراني والإسرائيلي - بالإذن من "التطبيع" السعودي- الإيراني ومن الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ومن الأمم المتحدة.

لا يخلو الوضع من لمسة دراما رمضانية. فعلى خلفية ليالي المواجهة بين المصلّين والمعتكفين وبين قوة الاحتلال في القدس، وبعد صليات الصواريخ قبيل الإفطار وبعده، اجتمع زعيم "حزب إيران" نصرالله مع زعيم "حماس" إسماعيل هنية، وقبل ذلك مع زعيم "الجهاد" زياد النخالة، للاطمئنان الى "جهوزية المقاومة" في مختلف الساحات والجبهات. في المقابل، اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية ليقررا تقديم شكوى الى مجلس الأمن تدين الاعتداءات الإسرائيلية وتؤكّد التزام لبنان القرار الدولي 1701 وتمسّكه بسياسة ضبط النفس... هل يُلام أحد إذا تساءل باسم أي لبنان تتحدث هذه الشكوى طالما أن القرار في يد إيران و"حزبها". فارس سعيد على حق: فليُنتخب نصرالله رئيساً للبنان! بدل أن يأتي بدمية يرأّسها ويحرك خيوطها.

(عن صفحته - فايسبوك)