تيما رضا
الاغتيالات السياسية تمرر لأحداث 7 أيار، مقطوعة من اشتباكات قبرشمون، قبل هجوم من شباب الخندق على المتظاهرين، تقطعها أحداث خلدة، مناوشات ميرنا الشالوحي يخطفها بهجمة مرتدة تفجير مرفأ بيروت، وتمريرة شبه حاسمة لأحداث الطيونة، التوقيت الشتوي يسدِّد.. وغووووول.. تسلّل!
مقتطفات من مباريات حقيقية يعشيها اللبنانيون في وطن نجومهم، حيث الشعب هو الكُرة التي يتقاذفها السياسيون في ما بينهم، قبل اعلان انتهاء المباراة بتصافح اللاعبين والانتقال لمباراة أخرى.
هذه المباريات لا تدعو لها لجنة الشباب والرياضة في البرلمان، وانما هي وليدة دوري بطولة لا ينتهي، بدأ في العام 1975 وما زالت... وإن انحسر بعد اتفاق الطائف ليتحول مباريات متباعدة لأهداف محددة، أهمها تذكير الناس بأنهم مجرد كرة يركلها سياسيون من أفرقاء مختلفين كلما أراد أحدهم تسجيل هدف في مرمى الآخر.
انتهت الحرب الأهلية منذ 33 عاماً، حاسرة معها مفرداتها، وإن بقيت مفردات أخرى تتردد في الكثير من المناسبات والأحداث المتنقلة من منطقة لمنطقة. كلمات من قبيل: القصف والقناص ووقف إطلاق النار.. انحسرت إلى حد بعيد. وشكلت كلمات: خطوط التماس والضحايا والمفقودون.. مفردات دسمة للمحللين والسياسيين الذين يستخدمونها في عرض تجاربهم ولعن من أيقظ الفتنة في أحداث معينة.. أما المليشيات وممارساتها، فتهمة جاهزة، يسارع فريق الى استخدامها لوصف فريق آخر في أي اشتباك كلامي.. وما يميّز هذه الكلمة بالتحديد أنها تليق بمختلف الأفرقاء في الوطن، هؤلاء الذين بدلوا ملابس القتال وارتدوا بذلات رجال سياسة، وتحولوا من زعماء حرب إلى رؤساء وطبقة حاكمة مسيطرة على مفاصل البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يمسكون بأيديهم مفاتيح التحكّم في الشارع.
تحلّ الذكرى السنوية الـ33 هذا العام لسلسلة "كي لا ننسى" التي يحييها اللبنانيون كل نيسان، في ظل توجه تكتيكي نحو القعر، إذ أن لبنان وشعبه يعومون في مستنقع الانهيار الشامل على المستويات كافة. انهيار بات كثر ممن عاصروا الحرب الأهلية يترحمون على أيامها مردّدين عبارات من نوع: "لم نعِش مثل هذه الأيام.. حتى خلال الحرب"، "على الأقل في أيام الحرب كان الموضوع محصوراً في القصف".. عبارات قاسية. أن يجد بعض الأشخاص، في حرب أسفرت عن أكثر من 120 ألف قتيل، ضوءاً لا يرونه اليوم في آخر النفق.
في الذكرى السنوية الـ33 لسلسلة "كي لا ننسى"، الطبقة الحاكمة المؤلفة من زعماء الحرب السابقين متربعة على عرش البلد، بعدما ساهمت في إفلاسه ونهب أموال الشعب، وتدمير المرافق الحيوية كافة. وفيما تُجهز على الأخضر واليابس، لا تنسى أن ترتوي برشفات من دم الشعب بين حين وآخر..
في هذه الذكرى اليوم، الطبقة الحاكمة في وطن النجوم كالأخطبوط بأيدٍ طويلة وكثيرة، منهم المجرم والنصاب، ومنهم مَن كان يعلم بنيترات الأمونيوم المخزنة في مرفأ بيروت قبل تفجير نصف العاصمة، ومنهم المسؤول عن تعطيل القضاء، والمسؤول عن إفلاس الدولة ونهبها.. ومنهم مَن هو مُلاحَق دولياً بتهمة الاختلاس أو الاغتصاب أو بجرم تشكيل عصابة جرمية.. والحامي الأكبر: فيه الخصام وهو الخصم والحَكَمُ... والدوري الكرويّ مستمر.. والناس يتدحرجون من مرمى إلى شبكة، متمنّين ركلة تقذفهم خارج الملعب الملعون بلا ضربات جزاء على انتفاضة في الشارع أو مقال في جريدة.
(عن موقع "المدن)